على مدى السنوات السبع الماضية، استخدم نبيل شاه منصة إنستغرام لمشاركة الصور والفيديوهات الخاصة بحياته–منشورات حول أفكار لشراء هدايا عيد الحب، صور لعائلته أثناء طهي الطعام–ولمساندة زوجته، مريم اشتياق، والشركة التجارية الصغيرة التي أسسوها لبيع مرق العظام الحلال. لدى شاه أكثر من ٣٥،٠٠٠ متابع، ولكن هذا العدد من المتابعين ضئيل مقارنةً بمتابعين صفحة اشتياق الذين يتخطون ٣٠٠،٠٠٠.
وكذلك يعبّر شاه ايضا على صفحته عن القضايا التي يهتم بها، كالعديد من مستخدمي الإنستغرام. حتى لو كانت المواضيع تختلف عن منشوراته الاعتيادية الخاصة بنمط حياته، وحتى لو كان هناك ثمن لذلك التعبير.
”في بداية الأمر، لم ننشر بكثرة عن النزاعات [الدولية]، وإذا قمنا بذلك، كنا [ننشر محتوى عن النزاعات] مختلط بمحتوى آخر في خاصية الستوري [الفيديوهات التي تختفي بعد يوم]،“ يقول شاه. ولكن بعد اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر ٢٠٢٣، أفاد شاه بأن عدد الشاهدين لخاصية الستوري ينخفض كلمّا ينشر محتوى خاص بفلسطين، كما هو الحال للعديد من مستخدمي منصة الإنستغرام والصحفيين البارزين.
قام شاه بمشاركة منشور يوم ٢٣ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٢٣ يحتوي على إحصائيات ضحايا الحرب الإسرائيلية على غزة بما في ذلك إحصائيات المعتقلين الفلسطينيين من الضفة الغربية في سجون الاحتلال. شارك المنشور عبر خاصية الستوري وأضاف رسالة تحت المنشور قائلًا: ”ليس هناك حماس في الضفة الغربية … حماس هي العذر وليست السبب.“ إن مقر حماس (التي قامت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية بتصنيفها كمنظمة إرهابية في ١٩٩٧) الأساسي في غزة حيث تمارس حكمًا محدودًا ولكن لديها عناصر في مناطق أخرى مثل الضفة الغربية ولبنان.
قامت منصة إنستغرام بحذف منشور الستوري الخاص بشاه مشيرةً إلى أن ما نشره داعم لمؤسسات وأفراد خطرين وأن تم إضافة مخالفة إلى حسابه لمدة سنة واحدة. تراكم المخالفات يؤدي إلى زيادة العقوبات على مستخدمي المنصة.
بالنسبة لشاه، لم يكن الحذف منطقيًا، لذلك طلب من إنستغرام مراجعة قرارها.
”لم يكن المنشور داعمًا لأي منظمة،“ قال شاه. ”كان المنشور ناقدًا لسردية تتم مشاركتها وهي سردية تدّعي بأن الحكومة الاسرائيلية تقوم فقط بالهجوم على حماس.“
أكمل شاه: ”إن الأمر يعبث برأسك قليلًا… إذا أردت أن أنشأ شيئًا [عبر حسابي على الإنستغرام]، إذا أردت أن أصنع محتوى يصل إلى الناس، لا يمكنني أن أتحدث عن هذا الموضوع… يجعلني أشعر بنوع من اليأس.“
قامت ”ذا مارك آب“ بمساءلة ميتا، الشركة الأم لمنصة إنستغرام، في شهر شباط/فبراير عن السبب وراء حذف منشور الستوري الخاص بشاه. لم تقم ميتا بتقديم سبب معين ولكن وجد تقرير خاص ب”هيومن رايتس واتش“ نُشِر في شهر كانون الأول/ديسمبر ٢٠٢٣ أن ”مئات الحالات التي أدى فيها مجرد الإشارة إلى حماس على الإنستغرام والفيسبوك إلى تفعيل سياسة المنظمات والأفراد الخطرين، مما دفع المنصتين إلى حذف المنشورات، مشاركات الستوري، التعليقات، والفيديوهات فورًا بالإضافة إلى تقييد الحسابات التي قامت بالنشر.“
قالت المتحدثة بإسم شركة ميتا، داني ليڤر، لموقع ”ذا مارك آب“ إنَّ ” تم إزالة المحتوى الخاص [بشاه] بالخطأ، وتمت استعادته منذ ذلك الحين.“ بعد بضعة أيام، أخبر شاه موقع ”ذا مارك آب” أنَّ المخالفة قد أزيلت من حسابه، ولكنه لم يجد منشور الستوري في أرشيف الإنستغرام الخاص به. قال شاه أيضًا إنَّ منصة الإنستغرام لم تعلمه بأي تغيير خاص بحسابه أو خاصية الستوري.
”إنستغرام لا يقيد وصول منشورات الستوري الخاصة بالمستخدمين عن قصد،“ قالت ليڤر. أضافت، مشيرةً إلى مشكلة خاصة بخاصية الستوري تم الإبلاغ عنها بشكل واسع: ”كما أكدنا سابقًا، كان هناك خطأ تقني أثر على المستخدمين حول العالم–ليس فقط في إسرائيل وغزة–وذلك ليس له علاقة بمضمون المحتوى، الذي تم معالجته في تشرين الأول/أكتوبر.“
قام موقع ”ذا مارك آب“ بمراجعة المئات من اللقطات والفيديوهات من مستخدمين مثل شاه الذين قاموا بتوثيق السلوك الأشبه بالرقابة، وقام الموقع أيضًا بتحليل الـ”ميتاداتا“ (البيانات الوصفية) من آلاف الحسابات والمنشورات، بالإضافة إلى التحدث مع خبراء وإجراء مقابلات مع ٢٠ مستخدمًا يعتقدون أن قد تم حظر أو حجب المحتوى الخاص بهم. قام موقع ”ذا مارك آب“ بعد ذلك باستخدام المعلومات التي تم جمعها واختبار استجابات الإشراف التلقائية الخاصة بمنصة إنستغرام عبر ٨٢ حسابًا جديدًا و١٤ حسابًا موجودًا.
وجد التحقيق أن منصة إنستغرام قامت بحجب صور متعلقة بالحرب لا تحتوي على أي عنف مصوّر، حذفت التسميات التوضيحية (أو الكابشن) وأخفت التعليقات، قمعت الهاشتاغز بشكل عشوائي، وحرمت المستخدمين من الاستئناف عندما أزالت الشركة تعليقاتهم، بما فيها عن إسرائيل وفلسطين، باعتبارها ”سبام“ (الذي يُعرَف بالمحتوى الغير مهم أو الاحتيالي).
شهد الموقع عبر التحقيق أيضًا خللًا تقنيًا، سواء كنا نقوم بمراجعة أمثلة من مستخدمين أو نجري اختبارات على منصة الإنستغرام بأنفسنا: لم تعمل أزرار استئناف حالات الحذف دائمًا، في بعض الأحيان أظهر الهاشتاغ أكثر من ١٠٠ منشور وفي أحيان أخرى لم يُظهر أي نتائج، وأشارت إنذارات أن لدى المستخدم اتصال سيء بالأنترنت على الرغم من عدم وجود مشاكل أخرى في الاتصال.
لدى منصة الإنستغرام تاريخًا بادعاء ”أخطاء فنية“ أو ”عيوب“ بالتطبيق جعلت الناس يعتقدون بأن عملية الاشراف على المحتوى متحيزة، مثل عندما فضلت نتائج البحث دونالد ترامب على جو بايدن خلال انتخابات عام ٢٠٢٠، وعندما أخفت المنشورات التي أشارت إلى الاجهاض بعدما نقضت المحكمة العليا قضية رو ضد وايد، وفي ٢٠٢١، عندما تم حظر حسابات الفلسطينيين ومنشوراتهم بعد نشر محتوى حول التهجير من حي الشيخ جراح واقتحام الشرطة الاسرائيلية لمسجد الأقصى. (ألقت منصة إنستغرام اللوم على خلل أصاب خاصية الستوري حول العالم في تلك الحالة أيضًا.)
منذ بدأ الحرب على غزة، تم اتهام منصة إنستغرام بإخفاء التعليقات التي تحتوي على رمز علم فلسطين، إدراج كلمة ”إرهابي“ في ترجمة بعض حسابات المستخدمين الفلسطينيين، وفرض الرقابة على منشورات داعمة لفلسطين. لم تشرح شركة ميتا بعد الآليات المحددة المسؤولة عن أي خطأ معين، ولكن من المعروف بأن المنصة تتخذ قرارات متعمدة حول كيفية رفع أو قمع المحتوى المتعلق بالحرب.
عادةً ما تقوم شركة ميتا بإخفاء منشورات المستخدم إذا كانت أنظمتها متأكدة بنسبة ٨٠٪ من أن المحتوى يعتبر ”خطابًا عدائيًا“ (ويتضمن ذلك ”المضايقة والتحريض على العنف“)؛ في شهر تشرين الأول/أكتوبر، ذكرت صحيفة الـ”وال ستريت جورنال“ بأن شركة ميتا قامت بإنشاء ”تدابير مؤقتة للاستجابة للمخاطر“ خفضت الحد الأدنى إلى نسبة ٤٠٪ في بعض أنحاء الشرق الأوسط.
وكما أوضح موقع ”تيك كرنش،“ يبدو بأن نظام الإشراف الخاص بمنصة إنستغرام يقوم بقمع المستخدمين الفلسطينيين بشكل غير متناسب. وجد موقع ”ذا مارك آب“ بعض اتهامات بالقمع من قبل مؤيدي إسرائيل، ولكننا لم نجد أدلة أكثر شمولًا عبر تقاريرنا أو اختباراتنا.
”تم تصميم سياساتنا لمنح الجميع صوتًا مع الحفاظ في الوقت نفسه على أمان منصاتنا،“ قالت ليڤر. ”نقوم حاليًا بتطبيق هذه السياسات خلال صراع سريع التطور، عالي الاستقطاب، وشديد، مما أدى إلى زيادة في المحتوى الذي يتم الإبلاغ عنه إلينا. نحن نعترف بالأخطاء التي يتم ارتكابها، ولكن أي إشارة إلى أننا نقوم بقمع صوت معين بشكل متعمد وممنهج هي فكرة خاطئة .“
حجب الصور المتعلقة بالحرب
حاول موقع ”ذا مارك آب“ تكرار ١٠ أنواع من بلاغات الرقابة التي يقدمها مستخدمي الإنستغرام وذلك عبر أكثر من ٧٠ حسابًا من حساباتنا التي أنشأناها حديثًا على المنصة وقمنا بإدارتها من ناحية المحتوى والمتابعة. قمنا أيضًا بإنشاء هاشتاغين خاليين من المنشورات وأسميناهم #اختبارـماركـآب و#ماركـآبـآمن، وذلك لاختبار نوع الحسابات أو المنشورات التي تقوم منصة انستاغرام برفعها أو حجبها. تقول منصة إنستغرام بأن ظهور المنشور على صفحات الهاشتاغ قد يعتمد على مضمون المحتوى حتى لو لم يتعارض مع ”ارشادات المجتمع.“
وجد موقع ”ذا مارك آب“ بعد عدة جولات من الاختبارات مقسمة على مدار أسابيع بأن الصور المتعلقة بالحرب التي لا تحتوي على أي عنف مصوّر كانت أكثر عرضة من منشورات أخرى للإخفاء من صفحة هاشتاغ #اختبارـماركـآب بنسبة ٨.٥ مرة.
حددنا ٢٠ حسابًا لنشر صور مختلفة باستخدام هاشتاغ #اختبارـماركـآب لمباني مدمرة، جنود، ودبابات، جميعها صور من الحرب على غزة. وتقول منصة إنستغرام في إرشادات المجتمع أنها ”قد [تزيل] منشورات الفيديو التي تحتوي على عنف مصوّر للتأكد من أن تبقى [منصة] إنستغرام مناسبة للجميع.“ لم تظهر أي من الصور التي شاركناها تُظهِر أشخاصًا يعانون أو كضحايا.
رأينا في الأيام الثلاثة الأولى من النشر أن خمس صور من أصل ١٩ تظهر في نتائج البحث للهاشتاغ. وبعد مرور أسبوع، ظهرت ست صور من أصل ١٩. بالمقارنة مع حسابات الاختبار جميعًا، وجدنا أن أكثر من ٩٥٪ من المنشورات الأخرى ظهرت على صفحة هاشتاغ #اختبارـماركـآب مرة على الأقل.
وفي الجولة الثانية من الاختبارات، نشرنا نفس الصور المتعلقة بالحرب بالإضافة إلى صورة إضافية واحدة التقطت عام ٢٠٢٠ لدبابة اسرائيلية. ظهرت أقل من ثلث الصور المتعلقة بالحرب، بما فيها الصور من الجولة الأولى، على صفحة الهاشتاغ #اختبارـماركـآب، بينما ظهرت ٩٢٪ من المنشورات الأخرى مرة على الأقل. لم تقم منصة إنستغرام بإخطار أي من حساباتنا بأنها تخفي أو تحجب منشوراتنا على صفحة الهاشتاغ.
رفضت شركة ميتا التعليق على سبب ظهور الصور المتعلقة بالحرب بشكل أقل من الصور ذات النوعية الأخرى على صفحة الهاشتاغ، وذلك بالرغم من أن هذه الصور لم تنتهك إرشادات إنستغرام بشأن المنشورات التي تحتوي على عنف مصوّر.
نظرًا لئلا يُخطَر المستخدمين بشأن الصور التي قد تُحجَب بالرغم من أنها لا تنتهك الإرشادات، تحاول جلاء أبو عرب التأكد من أن منظمتها لا تنشر أي شيء على الإنستغرام قد يؤدي إلى الحظر. أبو عرب رئيسة تحرير منصة دوز وهو موقع إخباري متخصص بالصحافة المحلية في نابلس، وهي مدينة جبلية في الضفة الغربية تشتهر بالجبن. تتخلل أخبار التعليم المحلية وقوائم الوظائف وإشعارات لأغنام مفقودة مع صور الصحفيين المفقودين ونداءات للتبرع بالدم على صفحات دوز على الإنستغرام والفيسبوك.
بعد بدء الحرب، وضعت منصة دوز سياسات جديدة لما لا يجب نشره وذلك محاولة لتقليل فرصة حظر المحتوى. صور الدبابات الاسرائيلية، مثل تلك التي اختبرها موقع ”ذا مارك آب،“ موجودة على اللائحة. بالإضافة إلى صور حواجز إسرائيلية أو صور لجنود. وبالرغم من جهودها، تقول أبو عرب، فإن منشورات دوز تُحظَر على الإنستغرام وفيسبوك. ”نحصل على معلومات جيدة، ولا نستطيع نشرها،“ قالت أبو عرب. ”نصف جهدنا يذهب لتجنب الحظر؛ لأنه باعتبارنا منصة إعلامية هدفنا الأساسي هو الوصول إلى المواطنين.“
مع مرور الوقت، قامت أبو عرب وفريقها بتطوير حدسًا لما يعتقدون سيتم إزالته، وباتوا يحاولون الالتفاف حول الرقابة المحتملة على المنصات باستخدام مفردات جديدة باللغة العربية (يُشار إليها أيضا كـ”ألغوسبيك“ باللغة الانجليزية) أو عبارات مشفرة لإحباط عملية الإشراف الآلي للمحتوى. ”إنه جنون. كأننا خبراء تجميل،“ قالت أبو عرب. ”كيف يمكننا وضع النقاط هنا وهناك؟“ مشيرة إلى وضع النقاط في وسط الكلمات (مثل ”الفلس..طينية“) لتجنب الاشراف الآلي. ”كيف يمكننا تعديل بعض اللقطات كي لا تحذفها منصة إنستغرام؟“
تشير منصة دوز إلى قطاع غزة كـ”القطاع،“ وتقول أبو عرب بأن هذا مصطلح قد يفهمه القرّاء المحليون ولكن لا يفهمه قراء في أماكن أخرى. وبدلًا من استخدام ”حماس“ لتسمية المجموعة، تستخدم منصة دوز مصطلح ”الخضر،“ مشيرةً إلى اللون الأخضر في علم الحركة. لا تستخدم أبدًا المنصة الإعلامية مفردات كـ”احتلال،“ ”فلسطين،“ أو أسماء الأحزاب السياسية الفلسطينية في منشوراتها.
تشعر أبو عرب بالقلق من العواقب طويلة المدى لهذه التقنية التي تستخدمها دوز؛ عندما تبحث عن مفردات مثل ”حرب غزة،“ لن تجد أخبارًا من وسائل إعلام تستخدم الـ”ألغوسبيك“ مثل صفحتها. ”إنه أمر فظيع لأن ذلك يعني … أنك تمحو السردية الفلسطينية … لن تجدها. لذلك عملنا غير قابل للأرشفة. لن يُحفَظ في التاريخ، ولن يُستَخدَم.“
حذف التسميات التوضيحية بدون إشعار، خفي منشورات الهاشتاغ
يبدو بأن إنستغرام فرضت الرقابة على حسابات ”ذا مارك آب“ الاختبارية بطريقتين أخريين : حذف التسميات التوضيحية لمنشوراتنا بدون إشعار سابق وقمع التسميات الهاشتاغز التي أنشأناها.
عندما أضفنا هاشتاغ ”#اختبارـماركـآب“ في تسمية توضيحية لمنشور، قامت إنستغرام أحيانًا بحذف النص كاملًا، حتى لو نُشِرَت الصورة بنجاح على حسابنا. حصل هذا الأمر عشرات المرات عبر العديد من المستخدمين والحسابات. لم تقدم إنستغرام إشعارًا لأي من حساباتنا بأن نص منشوراتنا تم تغييره.
في نهاية المطاف، نشرنا أكثر من ٢٠٠ مرة باستخدام هاشتاغ #اختبارـماركـآب، وكانت مجموعة كبيرة من المنشورات تمثل بشكل مقصود صور إنستغرام الكلاسيكية: الكلاب اللطيفة، الطعام اللذيذ، والمناظر الطبيعية الجميلة. ولكن قمنا أيضًا بنشر صور مع تسميات هاشتاغ إضافية مثل #أقفـمعـإسرائيل و#فلسطينـحرة وقمنا أيضًا بتقديم بلاغات عن بعض هذه الحسابات بتهمة انتهاك إرشادات المجتمع لاختبار ما إذا كان أي من هذه العوامل ستؤدي إلى نوع من الحظر للمحتوى.
تحققنا من صفحة هاشتاغ #اختبارـماركـآب عدة مرات يوميًا باستخدام أكثر من حساب واحد. في بعض الأحيان، وجدنا أكثر من نصف المنشورات، وفي أحيان أخرى، وجدنا أقل من ثلث المنشورات. وأحيانًا لم نجد سوى عددًا قليلا من الصور. لم نتمكن من تفسير سبب حدوث ذلك.
في غضون أسبوع واحد من إنشاء الهاشتاغ الجديد الخاص بنا، أصبحت صفحة #اختبارـماركـآب بمثابة سراب لبعض الناس. لكل من حسابات الاختبار وحسابات أخرى أصلية لم تشارك في اختباراتنا، ظهر الهاشتاغ في نتائج البحث على أنه يحتوي ”١٠٠+ منشور،“ ولكن أدى اختيار النتيجة إلى صفحة تقول ”لا يوجد نتائج لـ#اختبارـماركـآب.“ وفي الوقت نفسه، كان هناك حسابات أخرى يمكنها عرض صفحة #اختبارـماركـآب بشكل طبيعي.
كما أصبح هاشتاغ #ماركـآبـآمن، الذي أنشأناه لنشر صور ومقاطع فيديو غير مثيرة للجدل، سرابًا لبعض الحسابات. ولكن في أوقات معينة، تم تقييد الهاشتاغ. نشرنا ١٩ منشور باستخدام هاشتاغ #ماركـآبـآمن وظهر كل منشور على صفحة الهاشتاغ مرة على الأقل خلال فترة اختبارنا. وبعد أسبوع من إنشاء الهاشتاغ، قدمنا بلاغ ”سبام“ عن ١١ منشورًا. في بداية الأمر، لم يبد بأنه كان هناك أي تأثير لما فعلناه، ولكن بعد أسبوعين تم تقييد الهاشتاغ للمرة الأولى. تم استبدال صفحة الهاشتاغ برسالة تقول، ”أخفينا المنشورات التي تحتوي على هذا الهاشتاغ لأنها مخالفة لإرشادات المجتمع الخاصة بإنستغرام.“ وبعد ساعات، عادت صفحة الهاشتاغ تعرض منشورات.
منذ أكثر من عقد، أصبحت تسميات الهاشتاغز مهمة للحركات الاجتماعية على منصات التواصل الاجتماعي بحيث قامت منصة إنستغرام بصنع طرق للمستخدمين لـ”دعم، جمع التبرعات، ونشر [الوعي] عن القضايا الاجتماعية التي تتركز عبر الهاشتاغز.“
عندما سألناها إذا قامت بحذف تسميات توضيحية، أو منعت إنشاء واستخدام هاشتاغز جدد، رفضت شركة ميتا التعليق، وأرسلتنا إلى صفحة المساعدة بشأن المنشورات المحذوفة
عالقون في تصنيف الـ”سبام“ بدون مخرج
عندما حُذِفَ منشور شاه على الستوري الخاص به لانتهاك سياسة المنظمات والأفراد الخطرين، تم إعطاؤه رابطًا لـ”طلب المراجعة“ من إنستغرام إذا لم يوافق على قرار الحذف. قال شاه بأن عملية المراجعة كانت ”مروعة بمعنى أنها راكدة. عملية الاستئناف موجودة فقط، لا يمكن المتابعة. ليس هناك أي شخص يمكنك التواصل معه أو الحوار. إنه زر وهمي في رأيي.“
الطريقة الوحيدة التي يمكن للمستخدم أن يستأنف قرارات إنستغرام هي إذا عرضت المنصة خيار ”طلب المراجعة“ عليه عندما تعلمه بأنه خضع لعميلة إشراف ما. إذا لم ينجح الاستئناف الأولي، يمكن للمستخدم أن يكتب إلى مجلس الإشراف بشركة ميتا، مجموعة مستقلة تتخذ قرارات خاصة بالإشراف لمنصتي فيسبوك وإنستغرام. منذ تشكيلها عام ٢٠١٩، أصدرت ٧٧ قرارًا قضائيًا وثلاثة آراء سياسات.
وعلى عكس تجربة شاه، شارك مستخدمون أمثلة مع ”ذا مارك آب“ حيث لم يتم منحهم خيارًا للإستئناف بعدما قامت منصة إنستغرام بفرض الرقابة عليهم. كان لدى العديد من هذه الأمثلة عامل واحد مشترك وهو: أن منصة انستغرام صنفت المحتوى الذي نشره هؤلاء المستخدمون كـ”سبام.“
على سبيل المثال، قام مستخدم بالتعليق على منشور خاص بالحساب الرسمي لدولة إسرائيل قائلًا، ”لو لم أكن أشعر بالحزن والرعب من الفظائع التي ترتكبونها، لكنت سأجلس هنا طوال اليوم على صفحتكم وأضحك بشدة!“
عندما حذفت إنستغرام التعليق لاعتباره ”سبام،“ أعطت المستخدم أربعة أمثلة لما يقع ضمن هذه الفئة:
- عرض ميزات لإنستغرام ليس لها وجود
- عرض حسابات أو أسماء مستخدمين للبيع
- الادعاء بأن على الآخرين أن يعجبوا أو يتابعوا أو يشاركوا منشورًا أو صفحة قبل أن يتمكنوا من رؤية شيء
- مشاركة روابط ضارة ولا تتصل بالوجهة الموعودة
سأل موقع ”ذا مارك آب“ شركة ميتا عما إذا كانت تعتقد بأن هذا التعليق وثلاث أمثلة أخرى تمثل ”سبام،“ خصوصًا بأنه للشخص العادي لا يبدو أن أيًا من هذه الأمثلة يقع ضمن هذا التعريف . قالت ليڤر إن شركة ميتا يمكنها فقط التعليق إذا قدمنا لها أسماء مستخدمي الحسابات التي أشرنا إليها، ولكننا لم نقم بمشاركة الأسماء.
في كل من هذه الحالات، بعدما صنفت منصة إنستغرام ما كتبه المستخدم كـ”سبام،“ لم يُعطى المستخدم خيارًا لـ”طلب المراجعة.“
ويقول موقع انستغرام ”بالنسبة إلى بعض أنواع المحتوى، لا يمكنك طلب المراجعة.“ ولكن تقول ليڤر بأنه يمكن الطعن بتصنيف الـ”سبام“؛ ونفت أن منصة انستغرام قد تُصَنِّف بعض محتوى المستخدمين كـ”سبام“ عمدا. وقالت، ”إذا تمت إزالة محتوى بسبب الـ’سبام’، هناك زر ’أبلغنا‘ في أسفل [الصفحة] إذا اعتقد المستخدم بأننا ارتكبنا خطأ.“
ولكن على عكس عملية ”طلب المراجعة،“ فمن غير الواضح إذا كانت عملية [الإبلاغ] تؤدي إلى عملية مراجعة–أو إلى أي عملية على الإطلاق. وجدت نتائج البلاغات من المستخدمين بالإضافة إلى اختبارات ”ذا مارك آب“ بأن رابط ”أبلغنا“ لا يظهر دائمًا. وعندما ظهر وحاول المستخدمون استخدامه، لم تقم منصة انستغرام بتأكيد وصول البلاغ. في بعض الأحيان، لم يحدث شيء على الإطلاق، كما لو أن الرابط معطل. وفي أحيانٍ أخرى تم تحويل المستخدمين إلى الصفحة الرئيسية كما لو أن البلاغ تم تجاهله.
أبلغ المستخدمون ”هيومن رايس واتش“ عن ظاهرة مماثلة حيث وجدت المنظمة أنه ”في أكثر من ٣٠٠ حالة، لم يستطع مستخدمو [فيسبوك ،انستغرام] في الطعن في قرار إزالة محتوى أو حساب لأن آلية الاستئناف كانت معطلة مما تركهم دون أي وسيلة فعّالة لوجود حلول.“
قمنا خلال فترة اختباراتنا بنشر تعليقات مصممة لانتهاك سياسات منصة انستغرام حول الـ”سبام“ والتنمر وذلك لحث حساباتنا على تفعيل آلية الحذف وطلبات المراجعة. حصل اثنان من حساباتنا التي انتهكت سياسات التنمر على خيار طلب مراجعة التعليق الذي تم حذفه. أما معظم تعليقات الـ”سبام“ والتنمر الأخرى التي نشرناها تعرضت لـ”حظر الظل“–أي أنه تم إزالة التعليقات للجميع باستثناء المعلّق نفسه–أو تم وضعها في خانة الـ”عرض التعليقات المخفية.“ لم تقم منصة انستغرام بإخطارنا عن أيًّ من هذه التغييرات ولم تعطِ الخيار للمستخدمين بأن يُبلغوا أو يطلبوا المراجعة.
ليس هناك أي بيانات على الاطلاق حول بلاغات الـ”سبام“ والـ”حسابات المزيفة“ على موقع مركز الشفافية الخاص بشركة ميتا والذي يحتوى على تقارير حول انتهاكات إرشادات المجتمع الخاصة بفيسبوك وانستغرام. لكن يوجد تقارير تحتوي على بيانات شاملة لكل فئة أخرى، بما فيها ”المنظمات الخطرة“ و”التنمر والمضايقة،“ بما في ذلك عدد المرات التي نجح فيها المستخدمون بالطعن في قرار انتهاكهم. وتقول روبين كابلان، أستاذة مساعدة في كلية سانفورد للسياسات العامة في جامعة ديوك والباحث في مجال الحوكمة والإشراف على المحتوى الخاص بالمنصات أنه ”إذا وضعت [انستغرام] سياسة تقضي بأن [الانتهاكات الخاصة بـ]السبام غير مؤهلة للمراجعة … فإن الحوز على مفهوم واسع لما [يُصنّف] كسبام قد يخدمهم جيدًا.“ وتقول أيضًا إن هذه المنصات لديها حافز لتفادي التعامل مع حجم كبير من طلبات الاستئناف، خصوصًا في الوقت الذي طردت فيه هذه الشركات الفرق المعنية بالثقة والسلامة.
نشر آدم موسيري، رئيس منصة انستغرام، أن بعض الأنشطة على المنصة ترتفع بشكل ملحوظ خلال ”اللحظات الكبيرة–كل شيء من كأس العالم إلى المظاهرات .“ وقالت ليڤر، المتحدثة بإسم شركة ميتا، في تصريحاتها إلينا بأن المنصة شهدت بالفعل ارتفاعًا في عدد المحتوى المُبلّغ عنه منذ بدأ الحرب على غزة مشيرةً أن هذا الأمر خلق بيئة صعبة بالنسبة للإشراف على المحتوى. تحاول منصة انستغرام أن تتكيف مع هذه التغيرات؛ فقد قامت بتغيير عملياتها عدة مرات استجابةً إلى ردّات فعل المستخدمين بشأن تعامل المنصة مع الحرب.
قال روبرت جوروا، وهو باحث ما بعد الدكتوراه في مركز برلين للعلوم الاجتماعية والمؤلف الرئيسي لورقة بحث من ٢٠٢٠ حول الإشراف الخوارزمي للمحتوى، لـ”ذا مارك آب“ بأن الحوافز ”تجعل من الصعب جدًا“ على المنصات الكبيرة أن تأخذ بجدّية التحييز أو الظلم في عملية الإشراف الآلي . ”إن [الأمر] أخّف ضررًا … النقد العلني بسبب الإزالة المفرطة للمحتوى أقل من النقد بسبب عدم إزالة ما يكفي من المحتوى.“